الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

فرصة العمر

في هزيع الليل وثلثه الأخير، يتنزل المولى عز وجل إلى السماء الدنيا، تنزلاً يليق بجلاله وكماله، يدعو التائبين المستغفرين بالأسحار، ويسألهم وهو غني عنهم، ليجيب مطالبهم ويقضي حوائجهم، وهذا في كل ليلة، تأتي الفرصة تلو الأخرى تتهادى لمن بادر واقتنص الفرص مخلصاً منيباً إلى خالقه، وأي فوز يحرزه أحدنا، إذا تزامنت تلك الفرص الربانية العظيمة مع الليالي العشر الأخيرة من رمضان في أشرف الأوقات وأقدس الأماكن؟ فها نحن أدركنا الثلث الأخير من شهر البركة والخير، بما اختصه به الله تعالى من مزايا وفضائل عديدة وفريدة، وما أدراكم ما العشر الأواخر وما أودع الله فيها من خير زاخر، ولكن كيف نحيي هذه الليالي الفاضلة المباركة، إن خير ما نفعله ان نقتدي بسنة حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام بإحياء سنة الاعتكاف وتحري ليلة القدر والإكثار من عمل الصالحات.    في ليلة القدر تتنزل الملائكة وتستجاب الدعوة، ومن قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.    ما أحوجنا إلى الاجتهاد في نيل هذه الأجور العظيمة، والتعرض لهذه النفحات الإيمانية الكريمة، بعد أن انغمسنا في أوحال الدنيا ومستنقعات الذنوب إنها والله فرصة العمر، أن نقف بين يدي الله تبارك وتعالى متذللين، خاضعين في خشوع وتبتل للرحمن، في ذلك الوقت من الليل والليل محراب العابدين ومثوى الساجدين، وروضة المخبتين، يناجون ربهم بكلامه، ويسألونه من عطائه، ويعفرون جباههم بندم التوبة، وعز العبودية لله رب العالمين، يحنون رؤوسهم لجبار السماوات والأرض، ملك الملوك تُبَلّل دموعهم لحاهم، أيديهم ضارعة، وقلوبهم واجفة، ونفوسهم تواقة إلى غفران المولى ورضوانه.    هكذا كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، يجتهد في قيام العشر الأواخر من رمضان ويوقظ أهله، ليقوموا معه، رغم انه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لكنه يريد أن يقدم لأمته دروساً عملية في كيفية التعامل مع هذا الموسم الإيماني الجليل، خاصة أن ليلة القدر تواكب الفترة الأخيرة من الشهر الفضيل، وأن من حرم فيها الخير فقد باء بالندامة والخسران المبين. فائدة: قال تعالى: «ليلة القدر خير من ألف شهر» والألف شهر تعادل ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، لكن ليلة القدر تزيد على عبادة هذه السنين كلها زيادة علمها عند الله بدليل قوله «خير من ألف شهر» أي أفضل وأكبر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم في مدونة عمر ابوزيد